الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية جاء في مشروع ميزانية 2017: اجراء خطير قد يتسبب في غلق أغلب المؤسسات الثقافية

نشر في  12 أكتوبر 2016  (12:07)

اعتبر المنتج الحبيب بلهادي أن مشروع قانون الميزانية التكميلي لسنة 2017 والذي ينص على توظيف 18 بالمائة على الانتاج الثقافي والابداعي، سيدفع المنتجين والناشرين والموزّعين الى رفع تسعيرة تذاكر دخول المسارح ودور السينما والمهرجانات والمكتبات وثمن الكتب والى غلق أغلب المؤسسات الثقافية.

كما أضاف بالهادي في تدوينة على صفحته الخاصة بالفايسبوك أن هذا الاجراء سيعمّق في أزمة علاقة المواطن التونسي بالمنتوج الثقافي في بلد لا يمتلك سوى 18 قاعة سينما. 

وجاءت تدوينة الحبيب بلهادي كالآتي:

"من أجل جباية راعية ومحفزة للإبداع والفنون

اليوم ونحن في أشد الحاجة الى حركة ثقافية وبداعية تساند الدولة في حتميّة مقاومة الإرهاب يطلع علينا مشروع قانون المالية 2017 بتوظيف نسبة 18 بالمائة على انتاج الثقافي والابداعي وبشطب الإعفاءات الديوانية المخولة للقطاع عوضا عن توسيعها.
أن الإنتاج الثقافي والابداعي في جملته نشاط غير ربحي إضافة الى أنه مكلّف وشاق ويعيش على دعم الدولة وتشجيعاتها وإمدادات بعض الهيئات الدولية. إن البلدان الديمقراطية التي تسعى إلى تنوير مواطنيها والرقي بإنسانيتهم وبوعيهم وذائقتهم تطبق الإعفاء التام أو في اقصى الحالات تصنف المنتوج الثقافي في خانة الخدمة العمومية التي توظف عليها أضعف نسب القيمة المضافة.

أن وضع جباية 18 بالمائة للقطاع الثقافي لا يترجم ما جاء في الفصل 42 لدستور الجمهورية التونسية 2014 انما بعارضه تماما حيث لا يمكن أن يفهم "الحق في الثقافة مضمون. حرية الإبداع مضمونة، وتشجع الدولة الإبداع الثقافي، وتدعم الثقافة الوطنية في تأصلها وتنوعها وتجددها، بما يكرس قيم التسامح ونبذ العنف والانفتاح على مختلف الثقافات والحوار بين الحضارات. تحمي الدولة الموروث الثقافي وتضمن حق الأجيال القادمة فيه" بهكذا إجراء.
في تناقض تام مع روح وأهداف هذا الدستور، تخلف القطاع الثقافي بعد الثورة جراء انعدام العناية الكافية في وضع السياسات الثقافية الجريئة الملائمة له إضافة إلى عدم استقرار السلطة التنفيذيّة وتلويناتها المتناقضة والقرارات الاعتباطية ومنها بالخصوص حل اللجان الثقافية المحليّة والجهويّة الذي تتسبب في شلّ الحركة الثقافية في كل جهات البلاد.

تعاني بلادنا من بنية تحتية مهترئة ومن وحدات انتاج وتوزيع غير مجهّزة عدا بعض المؤسسات العمومية الكبيرة، زيادة على أننا غير قادرين على صناعة التجهيزات التقنية من صورة وصوت وإنارة وبالتالي وجب توريدها لتطوير المؤسسة الثقافية وتعصيرها ولقد فهمت دولة الاستقلال هذا الوقع فمتّعت المؤسسات الثقافية الخاصة والعامة بالإعفاء الجبائي عند توريد التجهيزات الثقافيّة حتى تتمكّن من مواكبة التطورات التقنيّة العالميّة و ظروف العمل عصرية ممّا مكّنها من الرقي بالفنون والثقافة الوطنيّة والمشاركة الفعّالة في بناء تونس الحديثة.

ان هذا الإجراء سيدفع المنتجين والناشرين والموزّعين من الرفع في تسعيرة تذاكر دخول المسارح ودور السينما والمهرجانات والمكتبات وثمن الكتب مما سيعمّق في أزمة علاقة المواطن التونسي بالمنتوج الثقافي في بلد لا يمتلك سوى 18 قاعة سينما وعدد أصابع يد واحدة من المسارح و80% من سكانه لم يطالعوا أبدا كتابا إذا استثنينا الكتب المدرسيّة والقرآن. علما أننا نعمل بتسعيرة مدعومة من الدولة ومن المنتج فتكلفة الحقيقية لمقعد في السينما والمسرح هي ثلاث أضعاف حقيقتها اليوم.

وبالرغم من هذه التحفيزات فان المؤسسة الثقافية الخاصة والعامة لم تتمكن من توفير التجهيزات الضرورية خاصة أن منح التجهيز التي قرّرت لا يقع تفعيلها في أغلب الحالات. لقد وصل الأمر في بعض الأحيان بالدولة لمقايضة الفسفاط مقابل تجهيزات إنارة وصوت وبث سينما وآلات موسيقية وكراسي وغيرها من التجهيزات لتوزيعها على دور الثقافة والمراكز الثقافية والمهرجانات كما كان الحال مع وزارة السيد البشير بن سلامة.

وفي الأخير ان هذا الاقتراح المكبّل للعمل الثقافي لا يمكن له الا أن يعكر صفو الوحدة الوطنية ويعمق الإحساس بالتهميش لمجموع العاملين في القطاع الثقافي والإبداعي وأن يؤكد عدم احترام المسؤولين والسياسيين وقلة درايتهم بالوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع كما سيعمق الهوة بينهما وسيوحي بالخصوص بعدم احترام دستور 2014 الشيء الذي سيمس من مصداقية الحكومة خاصة أن هذا التوجّه لن يوفّر موارد مالية هامة للدولة، فهي تقارب المليون دينار في أحسن الحالات. هذا إن لم يتسبب هذا الاقتراح في غلق أغلب المؤسسات الثقافيّة الخاصة أبوابها وإعلان افلاسها."